قد يسأل سائل لماذا لم يعش لرسول الله أولاداً ذكوراً بعد وفاته ؟
الجواب
: أن ابن النبى لابد و أن يكون نبياً و لو عاش ولد من أبناء الحبيب لكان
نبياً بعده , و لو كان نبياً بعده ما كان هو خاتم الأنبياء و المرسلين ,
إنها حكمه الرب سبحانه وتعالى البالغة و قدرته و ثناءه المتناهيه , فى
العظمة و سمو الرفعة فى التقدير و لذا قرر القرآن العظيم هذة الحكمة وأجاب
على المفسرين و ردع الشامتين بقول الحق سبحانه و تعالى { إِنَّا
أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ(1) فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ (2) إِنَّ
شَانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَرُ (3)} سورة الكوثر , و المعنى : أى كيف تكون
أبتر و قد رفع الله تعالى لك ذكرك , فسرنا نقول يا رسول الله فى الأذان و
فى الإقامة و كل شىء , و كيف تكون أبتر و قد أعطيناك الكوثر وهو نهر فى
الجنة , أنت يا رسول الله خاتم الأنبياء و المرسلين و لو عاش لك ولد يخلفك
فى الدنيا لابد وأن يكون نبياً مثل أبيه و كيف يكون نبياً بعدك و أنت خاتم
الأنبياء ؟ و قد بين القرآن العظيم هذة الحكمة البالغة أنه لم يوجد ليكون
أباً لأحد من الرجال و إنما ليكون أخر المرسلين قال تعالى { مَّا كَانَ
مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِّن رِّجَالِكُمْ وَلَكِن رَّسُولَ اللَّهِ
وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ وَكَانَ اللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمًا} (40)
سورة الأحزاب , إن الأبتر الحقيقى يا محمد هو الذى يضايقك بهذا القول لأنة
لن ينفعة مالة ولا ولدة و ليس لة بعد موتة إلا الخلود فى النار وإن الذى
يضايقك بهذا القول هو الأبتر حيث لا عمل صالح له و لاقيمة له ولا رجاء و
مصيرة جهنم و بئس المهاد . و لموت أبنائه حكمه أخرى و هى البلاء فكان رسول
الله أشد بلاء من الخلق فمات أبوه قبل أن يراه و ماتت أمة و هو صغير و مات
عمه الذى كان يحميه ثم ماتت زوجته الحنونه و ها هو الأن يموت له أولاده ومع
كل هذا فهو الخلوق الصابر الذى قال عنه ربه { وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ
عَظِيم ٍ} (4) سورة القلم و لتكن حكمه الله تعالى فى أن يبتلى حبيبه محمد
ليكون للناس عبره لأنه أحب إنسان إلى الله تعالى و مع ذلك إبتلاه بلاء
عظيماً ليعلم الناس أن كلما ذاد الإيمان و الحب لله تعالى ,كلما ذاد
الإبتلاء و المرض والله أعلم .