علام نعطى
الدنية فى ديننا
أرسل المشركون من مكة لرسول الله الذى خرج ليأتى
مكة ويطوف بها فى عام الحديبية من يعاهده ويصالحه فكانت معاهدة الحديبية
لكن حزن المسلمون حزناً شديداً بعد أن فقدوا الأمل
فى إتيان مكة والطواف بالكعبة هذا العام ولعل أعظمهم حزناً كان عمر بن الخطاب الذى جاء إلى النبى - صلى الله عليه وسلم -
وقال: يا رسول الله ألسنا على
حق وهم على باطل؟ قال: بلى.
قال: ففيم نعطى الدنية فى ديننا
ونرجع ولما يحكم الله بيننا وبينهم؟ قال: يا
ابن الخطاب إنى رسول الله ولست أعصيه وهو ناصرى ولن يضيعنى أبداً
قال: أو ليس كنت تحدثنا أنا
سنأتى البيت فنطوف به؟ قال: بلى.
فقال النبى: فأخبرتك أنا
نأتيه العام؟ قال: لا. قال: فإنك آتيه ومطوف به.
ثم انطلق عمر فأتى أبا بكر فقال له كما قال للنبى ورد عليه أبو بكر
بمثل ما رد عليه النبى ثم قال له أبو بكر: يا عمر
فاستمسك بغرزه حتى تموت فو الله إنه لعلى الحق.
ثم نزل قوله تعالى: إنا فتحنا لك فتحاً مبيناً
فأرسل رسول الله إلى عمر فأقرأه إياه فقال: يا رسول الله أو فتح هو؟
قال: نعم .. فطابت نفسه
ورجع.
النبى والأراشى
قدم رجل من أراش
ليبيع إبلاً له بمكة فاشترى منه أبو جهل الإبل بثمنها وماطله فى الدفع
فنادى الرجل فى الناس
فقال: يا معشر قريش من رجل
يؤدينى على أبى الحكم بن هشام فإنى رجل غريب ابن سبيل وقد غلبنى على حقى؟
فدله الناس على النبى - صلى الله عليه وسلم
-
وهم يهزءون به لما يعلمون بينه وبين أبى جهل من العداوة
فتوجه
الرجل إلى الرسول - صلى الله عليه وسلم -
وحكى له ما كان من أبى جهل وناشده أن يأخذ له حقه
فقام معه رسول الله
إلى أبى جهل وطرق عليه بابه فخرج ممتقع اللون
وطلب منه الرسول - صلى الله عليه وسلم - حق الرجل فد فعه إليه
وانصرف وكان المشركون قد بعثوا وراءه من يأتيهم بالأخبار فحكى لهم ما كان
من أبى جهل،
ولم يلبث أبو جهل أن جاء فقالوا: ويلك
ما لك؟ والله ما رأينا مثل ما صنعت قط!
قال: ويحكم
والله ما هو إلا أن ضرب على بابى
وسمعت صوته فملئت رعبا ثم خرجت إليه وإن
فوق رأسه لفحلاً من الإبل ما
رأيت مثل هامته ولا قصرته ولا أنيابه لفحل قط
والله لو أبيت لأكلنى
.
تطييب الخاطر
عن كعب بن عجرة قال:
جلسنا يوماً أمام رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فى
المسجد فى رهط منا معشر الأنصار ورهط من المهاجرين، ورهط من بنى هاشم،
فاختصمنا فى رسول الله - صلى الله عليه
وسلم - أينا أولى به وأحب إليه؛
قلنا: نحن معشر الأنصار آمنا
به واتبعناه وقاتلنا معه وكتيبته فى نحر عدوه، فنحن أولى برسول الله -
صلى الله عليه وسلم - وأحبهم
إليه.
وقال إخواننا المهاجرون: نحن الذين هاجرنا مع الله ورسوله وفارقنا العشائر
والأهلين والأموال، وقد حضرنا ما حضرتم وشهدنا ما شهدتم فنحن أولى برسول
الله - صلى الله عليه وسلم - وأحبهم إليه.
وقال إخواننا من بنى هاشم نحن عشيرة رسول الله - صلى
الله عليه وسلم - وحضرنا الذى حضرتم وشهدنا
الذى شهدتم فنحن أولى برسول الله - صلى
الله عليه وسلم - وأحبهم إليه
فخرج علينا رسول الله - صلى
الله عليه وسلم - فأقبل علينا فقال: إنكم
لتقولون شيئاً.فقلنا: مثل مقالتنا.
فقال للأنصار:
"صدقتم، ومن يرد هذا عليكم" ، وأخبرناه بما
قال إخواننا المهاجرون فقال: "صدقوا، من يرد هذا عليهم" ،
وأخبرناه بما قال بنو هاشم
فقال:"صدقوا من يرد هذا عليهم "،
ثم قال: ألا أقضى بينكم ؟
قلنا
: بلى، بأبينا أنت وأمنا يا رسول الله.
قال : " أما أنتم يا معشر
الأنصار فإنما أنا أخوكم" ، فقالوا: الله أكبر،
ذهبنا به ورب الكعبة ،
"أما أنتم يا معشر المهاجرين
فإنما أنا منكم "، فقالوا الله
أكبر،،ذهبنا به ورب الكعبة ،
"وأما أنتم يا بنو هاشم فأنتم
منى وإلىّ "،
فقمنا وكلنا راض مغتبط
برسول الله - صلى الله عليه وسلم -
.
جبنـــــــاء
لما
انطلقت طليعة الجيش الإسلامى
الأولى نحو معاقلهم بقيادة على بن أبى طالب،
فاضت نفوسهم الشريرة ببعض
ما تخزنه من خبث ودناءة ووضاعة فقد أسمعوا ابن
عم رسول الله - صلى الله عليه وسلم -
فى نبى الله ونسائه الطيبات الطاهرات من السب والشتم والقذف ما لم يسمح أحد من المؤرخين لنفسه
بأن يورد نصه لفظاعته وبشاعته،
ومع هذا فلم يرد المسلمون على هؤلاء اليهود
السفهاء، بل التزموا الصمت، وكل الجواب الذى سمعه اليهود على شتمهم للنبى -
صلى الله عليه وسلم - ونسائه الطيبات،
هو قول على بن أبى
طالب: السيف بيننا وبينكم.غير أن على بن أبى
طالب، وهو أول من سبق باللواء إلى بنى قريظة، أشفق على الرسول - صلى الله عليه وسلم - من أن يسمع فى نفسه وفى
نسائه ذلك السب القبيح.
ولذلك فإن علياً لما رأى رسول الله - صلى الله عليه وسلم
- مقبلاً من بعيد، ترك مقر
كتيبة اللواء المرابطة حول حصون اليهود وانطلق،
بعد أن أناب عنه فى حمل
اللواء وقيادة الكتيبة أبا قتادة الأنصارى،
انطلق مسرعاً نحو رسول الله - صلى الله عليه وسلم - واستوقفه على بعد من حصون
اليهود وطلب منه أن يقف بعيداً عن هذه الحصون
لئلا يتأذى بسماع ما فاض به اليهود من سب مقذع فيه وفى نسائه.
فقال على.. لا عليك يا رسول
الله أن تدنو من هؤلاء الأخابث ، فقال النبى - صلى الله عليه وسلم - : لعلك
سمعت منهم لى أذى؟ قال.. نعم يا رسول الله.
فقال - صلى
الله عليه وسلم - : لو رأونى لم يقولوا من ذلك
شيئاً ثم واصل الرسول القائد - صلى الله
عليه وسلم - تقدمه نحو حصون اليهود تحيط به هيئة أركان حربه من صفوة
أصحابه، حتى دنا من حصون قريظة الغادرة.
وهناك وحيث يسمع النبى - صلى الله عليه وسلم - كلام اليهود ويسمعون كلامه
نادى نفراً من قادتهم، فلما ظهروا فى أبراج حصونهم قال لهم - صلى الله عليه وسلم - .. يا إخوة القردة وعبدة
الطاغوت، هل أخزاكم الله وأنزل بكم نقمته؟
فقالوا : يا أبا القاسم ما كنت
جهولا فأنكروا، أن يكونوا شتموه ونساءه، وانطلقوا يحلفون(كذباً)
أنهم ما فاهوا بشىء مما بلغه بهذا الشأن،
ثم اندفعوا فى ليونة الأفاعى يسمعون رسول الله - صلى الله عليه وسلم
- من لين القول وطيب
الكلام وجميل الإطراء، ما ظنوا، أنه سيساهم فى تخفيف
عقوبة خيانتهم
العظمى التى صممت قيادة المدينة على إنزالها بهم.