ألا
مــــا أحلمك يا رســـول الله
أعرابى جاء إلى النبى - صلى الله
عليه وسلم - يطلب منه شيئًا فأعطاه: ثم قال له: "أحسنت
إليك؟" قال الأعرابى:لا أحسنت ولا أجملت.
فغضب المسلمون وقاموا إليه ،وكادوا أن يوقعوا
بالرجل فأشار إليهم عليه الصلاة والسلام أن كفوا ، ثم قام ودخل منزله،
وأرسل إليه - صلى الله عليه وسلم - وزاده شيئًا ثم
قال: "أحسنت إليك؟" قال: نعم فجزاك الله من أهل وعشيرة خيرًا،
فقال له النبى - صلى الله عليه وسلم - :"إنك قلت ما قلت وفى نفس أصحابى من ذلك فإن أحببت فقل بين
أيديهم ما قلت بين يدى حتى يذهب ما فى صدورهم عليك".
قال الأعرابى: نعم .
فلما كان الغد أو العشى جاء الأعرابى فقال صلوات الله وسلامه عليه:"إن هذا الأعرابى قال ما قال فزدناه، فزعم أنه رضى، كذلك؟"
قال
الأعرابى: نعم فجزاك الله من أهل وعشيرة خيرًا.
فقال
النبى - صلى الله عليه وسلم - "مثلى
ومثل هذا مثل
رجل له ناقة شردت عليه فاتبعها الناس فلم يزيدوها إلا
نفورًا، فناداهم
صاحبها: خلوا بينى وبين ناقتى فإنى أرق بها منكم وأعلم
فتوجه لها بين
يديها فأخذ لها من قمام الأرض فردها حتى جاءت واستناخت وشد
عليها رحلها
واستوى عليها وإنى لو تركتكم حيث قال الرجل ما قال فقتلتموه
دخل النار".
الـجـمــل الشــاكى والساجـــــد
روى
النسائى وأحمد بسنديهما عن أنس بن مالك رضى
الله عنه : كان أهل بيت من
الأنصار لهم جمل يسنون عليه وأنه استعصب
عليهم فمنعهم ظهره وأن الأنصار
جاءوا إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -
فقالوا : إنه كان لنا جمل نسنى عليه وإنه استعصب علينا ومنعنا ظهره
وقد عطش الزرع والنخل
فقال رسول الله -
صلى الله عليه وسلم - لأصحابه : قوموا فقموا
فدخل الحائط والجمل فى ناحية فمشى النبى - صلى
الله عليه وسلم -
نحوه فقال الأنصار : إنه
صار مثل الكلب وإنا نخاف عليك صولته فقال :
ليس على منه بأس , فلما نظر الجمل إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أقبل نحوه حتى خر ساجداً
بين يديه فأخذ رسول الله - صلى الله عليه وسلم
-
بناصيته أذل ما كانت قط حتى أدخله فى العمل . فقال له أصحابه : يا رسول الله هذه بهيمة لا تعقل تسجد لك ونحن أحق أن نسجد
لك
فقال : لا يصلح لبشر أن يسجد لبشر ولو
صلح لبشر أن يسجد لبشر لأمرت المأة أن تسجد لزوجها من عظم حقه عليها
.
كما
روى مسلم أن النبى - صلى الله عليه وسلم -
دخل يوماً مع بعض أصحابه حائطاً من حيطان الأنصار , فإذا جمل قد أتاه
فجرجر وزرفت عيناه ,
فمسح رسول الله - صلى
الله عليه وسلم - سراته وذفراه فسكن ,
فقال - صلى الله عليه وسلم - : من
صاحب الجمل؟ فجاء فتى من الأنصار وقال : هو
لى يا رسول الله . فقال له - صلى الله عليه
وسلم - : أما تتقى الله فى هذه البهيمة التى
ملكها الله لك إنه شكا إلى أنك تجيعه وتدئبه أى تواصل العمل عليه بدون
انقطاع .
أليست هذه آية من آيات
النبوة ومعجزة من عظيم معجزاتها ؟ بلى . ولذا كان الكفر بنبوة محمد -
صلى الله عليه وسلم - من أقبح الكفر
وأسواه , ولا يكون إلا من جهل كامل , أو حسد قاتل , أو خوف فوات منافع
مادية طائلة , كما
كان شأن الجهال من الأمم
والشعوب وحسد اليهود , وخوف رجال الكنيسة من زوال
سلطانهم الروحى , وما
يترتب عليه من فقدانهم المال والرئاسة الروحية على
الشعوب المسيحية.
الكذابيــــن
لما فتحت خيبر أهديت للنبي صلى الله
عليه وسلم شاة فيها سم
فقال النبي صلى الله عليه
وسلم : اجمعوا إلي من كان ها هنا من يهود
فجمعوا له فقال إني سائلكم عن شيء فهل أنتم صادقي عنه
فقالوا: نعم قال لهم
النبي صلى الله عليه وسلم : من أبوكم؟؟ قالوا: فلان
فقال: كذبتم بل أبوكم فلان قالوا: صدقت قال: فهل أنتم صادقي عن
شيء إن سألت عنه فقالوا: نعم يا أبا القاسم
وإن كذبنا عرفت كذبنا كما عرفته في أبينا
فقال لهم: من أهل النار؟؟
قالوا: نكون فيها يسيرا ثم تخلفونا فيها
فقال النبي صلى الله عليه
وسلم : اخسئوا فيها والله لا نخلفكم فيها
أبدا ثم قال : هل أنتم صادقي عن شيء إن سألتكم
عنه فقالوا: نعم يا أبا
القاسمقال : هل جعلتم في هذه الشاة سما
قالوا: نعم قال: ما
حملكم على ذلك قالوا: أردنا إن كنت كاذبا
نستريح وإن كنت نبيا لم يضرك .
أفـاكـــــــين
حين بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم ذكر لهم ما أخذ عليهم له من
الميثاق وما عهد الله إليهم فيه
فزعم مالك بن الصيف: والله
ما عهد إلينا في محمد عهد، وما أخذ له علينا من ميثاق.
فأنزل الله فيه: أَوَكُلَّمَا
عَاهَدُوا عَهْدًا نَبَذَهُ فَرِيقٌ مِنْهُمْ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا
يُؤْمِنُونَ".
وقال ابن صلوبا الفطيوني لرسول الله صلى الله عليه وسلم: يا
محمد، ما جئتنا بشيء نعرفه، وما أنزل الله عليك من آية فنتبعك لها،
فأنزل الله تعالى في ذلك من قوله: وَلَقَدْ
أَنزَلْنَا إِلَيْكَ آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ وَمَا يَكْفُرُ بِهَا إِلَّا
الْفَاسِقُونَ"
صلى الله عليك وسلم يا حبيبى
قدح لبن روى فئاماً من الناس
بركته صلى الله عليه وسلم
روى البخارى رحمه الله تعالى فى صحيحه عن أبى هريرة رضى الله عنه القصة التالية :
قال :
والله إن كنت لأعتمد بكبدى على الأرض من الجوع ,
وإن كنت لأشد الحجر على بطنى من الجوع , ولقد قعدت يوماً على طريقهم الذى يخرجون منه ,
فمر أبو بكر فسألته
عن آية من كتاب الله عز وجل ما سألته إلا ليستتبعنى فلم يفعل ,
فمر عمر رضى الله عنه
فسألته عن آية من كتاب الله تعالى ما سألته إلا ليستتبعنى . فلم يفعل ,
فمر أبو القاسم - صلى
الله عليه وسلم - فعرف ما فى وجهى ,
وما فى نفسى فقال :"أبا هريرة"
قلت له : لبيك يا رسول الله فقال : "الحق" واستأذنت فأذن لى , فوجدت لبناً فى قدح ,
قال : "من أين لكم هذا اللبن ؟"
فقالوا : أهداه لنا فلان أو آل فلان قال : "أبا هرٍّ" , قلت : لبيك يا رسول
الله , قال : "انطلق إلى أهل الصُّفَّةِ فادعهم
لى" قال _ أى أبو هريرة : وأهل الصفا أضياف
الإسلام لم يأووا إلى أهل ولا مال ؛
إذا جاءت رسول الله - صلى
الله عليه وسلم - هديةٌ أصاب منها وبعث إليهم منها , وإذا جاءته
الصدقة أرسل بها إليهم , ولم يصب منها . قال أبو هريرة :
وأحزننى ذلك ؛ وكنت أرجو أن أصيب من اللبن شربة أتقوى بها بقية يومى
وليلتى ,
وقلت : أنا الرسول !!
فإذا جاء القوم كنت أنا الذى أعطيهم , وقلت :ما يبقى لى
من هذا اللبن ؟ ولم يكن من طاعة الله ورسوله بدٌّ
فانطلقت فدعوتهم فأقبلوا واستأذنوا فأذن لهم فأخذوا
مجالسهم من البيت ثم قال :"يا أبا هريرة خذ فأعطهم "
فأخذت القدح , فجعلت أعطيهم فيأخذ الرجل القدح فيشرب حتى يروى ,
ثم يرد القدح حتى أتيت على آخرهم ودفعت إلى رسول
الله - صلى الله عليه وسلم - فأخذ القدح
فوضعه فى يده وبقى فيه فضلة , ثم رفع رأسه ونظر إلى وابتسم , وقال : "أبا هريرة"
فقلت لبيك يا رسول الله ,
قال : "بقيت أنا وأنت" فقلت : صدقت يا رسول الله .
قال : "فاقعد فاشرب"
قال : فقعدت فشربت , ثم قال لى : "اشرب" فشربت فما زال يقول لى : اشرب
, فاشرب حتى قلت : لا ,
والذى بعثك بالحق ما أجد له فى مسلكاً , قال : "ناولنى القدح" فرددته إليه فشرب من الفضلة .
وهكذا تتجلى هذه
المعجزة وهى آية النبوة المحمدية ؛ إذ
قدح لبن
لا يروى ولا يشبع جماعة من الناس كلهم جياع بحال من الأحوال ,
فكيف
أرواهم وأشبعهم ؟ إنها المعجزة النبوية ! وآية أخرى للكمال المحمدى
أن
يكون - صلى الله عليه وسلم - هو آخر من
يشرب من ذلك القدح الذى شرب منه جماعة من الناس .
وهنا يقال : ما بال الذين يتقززون من شرب السؤر ويرفضونه فى كبرياء وخوف
أيضاً أن يصابوا بمرض من ذلك ؟ أين هم من ذلك الكمال المحمدى ؟
إنهم بعيدون كل البعد , ذاهبون فى أودية الأوهام
حيث لا يسمعون ولا يبصرون .
صلى الله عليك وسلم يا حبيبى